الخميس، 25 نوفمبر 2010

حقيقة الكتاب المقدس1

تولى رئاسة التحرير جان شورر راعي كاتدرائية بجنيف

إدعت الكنيسة الكاثوليكية رسمياً في الإحتفال الديني المنعقد بتاريخ 18 نوفمبر 1965 مُتهمة الوحي الإلهي بقولها : إن الكتاب المقدس قد أوحي به الله (أي ترجع أصوله إلى الله) وإن كل جزء فيه مقدس وقانوني [أي تعتراف الكنيسة بقدسيته] ، "وقد كتبت كل أجزائه بوحى من الروح القدس " . لذلك فإن الكتاب المقدس صالح للتعليم " بكل تأكيد وأمانة ولا يحتوي على (أدنى) خطأ " .
ويَعْـلم ويُعلَّم هذا عن الكتاب المقدس 550 مليون كاثوليكي، وهو تعصب ديني تشتهر به هذه الكنيسة، ومما يزيد الأسف أن هؤلاء الذين ألفوا هذا الدستور وقرروه ويعلمونه للشعب ، كلهم دون استثناء يعلمون جيداً المحتوى الحقيقي للكتاب المقدس الأمر الذى سيتضح بعد ذلك .

ويُعد الشك في قدسية هذا الكتاب (المقدس) وأنه نزل كله بوحي إلهي صحيح وأنه يخلوا تماماً من أى خطأ ذنباً من الذنوب التي تستوجب عقوبة الإعدام في عُرف القائمين على شئون المذهب الكاثوليكي .
والأمر يختلف في البروتستانتية الكنسية بصورة ليست بكبيرة ، وسـيتضح فيما بعد أن علم اللاهوت عند البروتسـتانت يتمتع بحرية كـبيرة بشكل عام ، حيث يصرح السواد الأعظم من علمـاء اللاهوت وقساوسته ويؤكدون أن الكتاب المقدس بكل تأكيد من تأليف البشـر كما يحتوي على كثير من الأخطاء والتناقضات ونقاط الضعف . على الأخص إذا ما حاورتهم كقارئ ومُطّلع أو إذا ضيقت الخناق عليهم - وهذا ضروري للحصول على تصريح أمين .

أما على الصعيد الرسمي وخاصة على المنابر وأمام الشعب في الكنيسة وفي المحاضرات الرسمية يتظاهر الكل تقريباً، وخاصة الجيل الأقدم، كما لو كان هذا الكتاب ليس كتاباً بشرياً، وكما لو كانت كل كلمة فيه من وحي الله، وهو نفس ماأعلنته الكنيسة الكاثوليكية في الإحتفال السابق ذكره وتنادى به حتى اليوم .
وقد تم عرض ملحق علمي لطبعة تسفنجلي الحديثة من الكتاب المقدس، ولم يسمح له بالنشر، إلا أنه بعد (30) عاماً من ظهور هذه الطبعة سألت عن عدم طباعة هذا الملحق مع الكتاب المقدس، وجائتني الإجابة بأن ذلك سيفقد الشعب [ النصراني ] إيمانه بالكتاب المقدس إذا ما علم بكل محتوى ذلك الملحق، كما أخبرني أحد أساتذة اللاهوت قائلاً : أليس من الذكاء سلب الشعب [ النصراني ] هذا الإيمان الساذج بالكتاب المقدس ، إذا كان هذا بالطبع سيسره ؟

لذلك يدور تقريباً كل القساوسة في الكنيسة بطريقة ما حول حقيقة الكتاب المقدس بإعطاء أنصاف إجابات، وإجابات أخرى تحمل أكثر من معني، كما اعتادوا استخدام لفظ " كلمة الله " بصورة كبيرة، عسى أن يتمكنوا بذلك من إبقاء الشعب [ النصراني ] أسير هذا الإيمان - الساذج - السابق ذكره - بالكتاب المقدس .

يقول
Schmidt W. صفحة 33 " إن نتائج فحص الكتاب المقدس (علم الكتاب المقدس) لم يخرج ( لليوم ) عن منصة الخطابة أو المنبر، ولا عن قاعات المحاضرات الدينية والمحاضرات التعليمية [البروتستانتية] ، الأمر الذي يحزن عدد لا يحصى من القساوسة حزناً عميقاً."
ويؤكد القس شورر: " أن الأغلبية العظمى من اللاهوتيين والقساوسة يخاطبون قومهم عن الكتاب المقدس بطريقة تدعو إلى القول بأنه لم يوجد مؤرخون قط من ذوي العلم ."

ويكتب إلينا أحد قساوسة كنيسة بلدة زيورخ قائلاً : " إن الطريق ( لتقييم يطابق حقيقة الكتاب المقدس ) قد بدأ في مطلع هذا القرن ..... وعدم استخدام اللاهوتيين هذا التقييم لجريمة تجاه البشرية تشين جباههم.

وأعلنت الدكتورة مارجا بوريج مديرة مركز إجتماعات بولدرن لكنيسة البلدية الإنجيلية في إحدى محاضراتي التي ألقيتها في اللقاء المنعقد في شهر مايو1972 قائلة: " إنه لذنب كبير يقترفه اللاهوتيين تجاه أمتهم بتكتمهم هذه المعلومات (الخاصة بنقد نصوص [الكتاب المقدس]) عن أمتهم مدة طويلة ، إلا أن هذا لم يك شيئاً جديداً . " ( راجع تقرير الإجتماع صفحة 46 ) .

كما أعلن اللاهوتي ماكس أولرش بالزيجر في كتابه " المسيحية الحرة " الصادر بتاريخ 1979 صفحة 231 وما بعدها قائلاً : " من البديهي أن نتكلم عن أزمة الكنيسة، لكن هل سمع أحد في الأونة الأخيرة عن أزمة فهم الكتاب المقدس؟ فمنذ زمن بعيد وتتفاقم مثل هذه الأزمة، وينتج عنها الكثير من المشاكل التي يمكن السيطرة عليها في كنيستنا التي تطلق على نفسها " كنيسة الكلمة ".

هذا وقد كان وما زال نقد الكتاب المقدس يُعد من الكبائر المحرمة ، ولم تنجح لليوم محاولة نشر الأبحاث الناتجة عن فحص الكتاب المقدس فحصاً علمياً على شعب الكنيسة لتعميق فهمه لديهم . فمن المسلم به أن المرء لم يَسْعَ جاهداً لتحقيق هذا، حيث كان هناك تشبث بالرأي يؤكد أن هذا سيؤدي فقط إلى البَلْبلَة . 
وربما يرجع ذلك أيضاً إلى التحرك السريع نسبياً من جانب السلطات الكنسية وهيئاتها للهروب من المشاكل الأساسية التي تتعلق بالكتاب المقدس والتى لاتنتهى. "

ونقلاً عن مقال لإرنست فالتر شميث في كتاب "النصرانية الحرة" لعام 1977 صفحة 67، فقد أعلن عالم اللاهوت المعروف ميشكوفسكي قائلاً: " هناك فجوة كبيرة راسخة منذ عشرات السنين بين اللاهوت العلمي وخطب الكنيسة، حيث يعهد لقساوستنا في المحاضرات اللاهوتية بالنقد الحديث لنص الكتاب المقدس. مع علمهم أن إنجيل يوحنا على سبيل المثال يُعد وثيقة للاهوت الكنيسة القديمة ولا يُعد مصدراً لحياة يسوع ، إلا أنهم يرددون في خطبهم كلمات يسوع لإنجيل يوحنا دون أدنى حد من النقد ، وكذلك نراهم أيضاً قد غضوا أطرافهم أثناء التعميد عن قراءة " أمر تعميد " يسوع والذي تعلموا عنه أنه شيء غير حقيقي . "

وفي النهاية يقرر شميث أيضاً أنه ينبغي على الكنائس إظهار الشجاعة والتمسك بأن الكتاب المقدس ليس هو الكتاب الذي يجب أن ننفق في سبيله بدلاً من التعتيم الدائم للحقائق الواضحة وطمسها ( صفحة 51 ) .
ونحن نفهم هذه المراوغة بصورة لا تقل عن إقتناعنا الراسخ بأن الكنيسة لن تُضار مطلقاً عند إعلان حقيقة الكتاب المقدس على الشعب [ النصراني ] ، بل إنها سترفع إيمان [الشعب بها] بصورة أكبر . وكذلك لن يفقد الكتاب المقدس شيئاً من قيمته ، بل على النقيض من ذلك فإن هذا سوف يزيد من أهميته بصورة قُصوى .

وليس أقل من أن يطالب الأسقف الأنجليكاني جون روبنسون الكنائس بقلب الأوراق على المنضدة [ أي يطالبها باللعب على المكشوف ] ( صفحة 52 من كتابه " مناقشة "، ميونيخ 1964) ، مع أن الأهم هو منهم هو أساس الدين أولاً قبل التطرق إلى إصلاح العقيدة .

وعلى أية حال فإنه يُعزى إلى القساوسة أن جزأً كبيراً من شعب الكنيسة لا يريد سماع آية نقد يتعرض للكتاب المقدس ، وإلا فسوف تُفهم بنية سيئة تجاه القسيس إذا ما أشكل هذا على فهمهم ، وفي الحقيقة إن ما يثيره هذا الإشكال هو ( ولا يعد هذا نقطة إيجابية للتطور الفكري ) أحد نتائج التربية الكنسية لشعب الكنيسة التي ترجع إلى مئات السنين التي سببها التفكير غير الحر ، والإيمان المطلق بسلطة الكنيسة الذي لابد وأن يستمر مااستمر الدهر .
والمقتطفات الآتية تبين ما يدور حول حقيقة الكتاب المقدس :
وحتى لا يحدث سوء فهم فإني أؤكد مرة أخرى أن مُؤَلِّفي الكتاب المقدس لم يعتبروه فقط مصدراً من مصادر التاريخ الديني أو أحد موضوعات البحث، أو عملاً أدبياً مشوقاً ، بل أيضاً وحيا تبث نبضاته الأفكار والمعلومات العليا السامية. وأيضاً مصدر للنبضات التي لا يمكن أن يقدرها بشر. إلا أنه على الرغم من كل نقائصه فإنه كان ومازال يمثل " الدعامة " لعدد لا يحصى من البشر ، كما يمثل المنبع الحي للمواساة والقوة والسعادة لكل مواقف الحياة وخصوصاً في الأوقات الحرجة وأوقات الأزمات .

وإذا كان غاندي قد قال : " لقد كانت الجيتا تُعد لي دائماً بمثابة مصدر المواساة ، وعندما لم أكن أرى أشعة النور كنت أفتح الجيتا وأجد دائماً آية تهديني سواء السبيل ، وإذا لم تترك الأحوال المتغيرة للقدر أية أثر ، فإني أُرجع ذلك إلى التعاليم السامية التي تتمتع بها الجيتا . " وكذلك يحكم النصارى أيضاً على الكتاب المقدس .

ومع هذا التقدير الكبير الذي يكنه مؤمنوا الكتاب المقدس نجد أنفسنا غير مرتبطين بهم بالمفهوم التقليدي الذى يسود المجتمع السليم . وهنا فقط نفكر في جوته وهليني وغاندي وأينشتاين وبلانك والكثير غيرهم من الشخصيات المرموقة الأخرى .

ووجهة نظرنا هي أن الكتاب المقدس مليء دون شك بالنبضات الإلهية والحقائق الكبرى، ولكنه أيضاً كتاب بشري يحتوي على ما لا يُحصى من النقص بكل أشكاله .

ومن الواضح أن الدوائر الكنسية والكنيسة الكاثوليكية يدافعون بيأس ضد الإعتراف الرسمي بنتائج الكتاب المقدس ، حيث إنهم يقعون تحت ضغط يمكنه إطباق الدنيا عليهم، حيث يصورونه بشكل مختلف يُسوِّل لهم أنهم بإعترافهم هذا سوف يقطعون فرع الشجرة الذي يجلسون عليه، وهذا هو الإنخداع الكبير بعينه، حيث إن نقد الكتاب المقدس لا يمكنه تغيير المفهوم الداخلي والمحتوى العميق له بصورة أساسية ويجعلها مثاراً للتساؤل ، بل على العكس من ذلك فإن السعادة بالثروة التي يحتويها الكتاب المقدس سوف تصبح فقط أنقى وأكبر إذا ما تم التوصل إلى أن الإعتراف الصريح لنتائج فحص الكتاب المقدس لن تضر إنسان أو تقلل من شأن الكتاب نفسه ، وعندئذ يكون المرء قد تحرر من تأثير القلق الداخلي الواقع عليه بل والخوف المتزايد من أن تصبح نتائج فحص ونقد الكتاب المقدس حقيقة .
للحديث بقية
تابعوا معنا

المسانل المسكتات المسالة الأولى من المسكتات

 المسانل المسكتات المسالة الأولى من المسكتات وأول المسائل المسكتات أنا نسأل النصارى عن هذ ا التوحيد ) 1 ( الذي شرحته والإيمان الذي وصفته ، ه...