الخميس، 8 مايو 2008

القول بتدرج إعلان ألوهيته

القول بتدرج إعلان ألوهيته


ولما عدم النصارى الدليل على ألوهية المسيح، ورأوا أن أحداً من معاصرييه لم يدرك تلك الألوهية التي يتحدثون عنها صدروا بقول جديد، مفاده أن المسيح لم يعلن ألوهيته لتلاميذه في بدء دعوته، بل تدرج بهم حتى كشف لهم عنها بعد قيامته، أي لم يدركوا هذا السر إلا بعد موته.
ومن القائلين بهذا الرأي بتر سمث في كتابه الشهير «سيرة المسيح الشعبية» ، فيقول عن مريم وموقفها من ابنها: «هل حسبته إلهاً ابن الآب الأزلي… إن رواية الإنجيل تجعل هذه الفكرة محالة، كما أن العقل لا يسلم بها، وإلا كيف استطاعت أن تؤنبه على توانيه في الهيكل مع أحبار وعلماء اليهود؟ وكيف عالجت شؤونه كلها كطفلها الخاضع لها…
كلا إن العذراء لم تفكر في ولدها كإله…لم تدرك سر ألوهيته الهائل الذي لم تفطن إليه ولم تعرفه إلا مؤخراً، وحتى التلاميذ أنفسهم لم يدركوا هذا السر الهائل إلا قبيل نهاية حياته…لكنهم لم يفطنوا إليه ويدركوه تماماً إلا بعد موته وقيامته وصعوده بمجد وإرساله الروح القدس.
عندئذ أخذوا يرجعون بذكرياتهم إلى الوراء خلال ثلاث سنوات تقضت في صحبته، ويتعجبون كيف أمسكت عيونهم عن معرفة ما عرفوه الآن»
.
إذن كانت ألوهية المسيح استنتاجاً عقلياً توصل إليه التلاميذ بعد رفع المسيح.
وهذه الدعوى من النصارى تثور في وجهها تساؤلات عدة منها: لم أخفى المسيح هذه الحقيقة؟ ولم َلم ْيعلنها منذ اليوم الأول؟ إن إخفاءه المزعوم جعل الكثيرين – من معاصريه ومن بعدهم من الذين تسميهم الكنيسة بالهراقطة - يقولون ببشريته، وحق لهم ذلك.
و نتساءل هل كان إخفاؤه لحقيقته خوفاً من اليهود؟ كيف وهو الرب الذي نزل ليصلب؟
ونتساءل ماذا عن النصوص التي أوردها يوحنا في بداية بعثة المسيح وتتحدث بما يعتبره النصارى أدلة على الألوهية كما في قوله: «ليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء ابن الإنسان الذي هو في السماء» يوحنا 3/10-18).
وكذا قوله: « الحق الحق أقول لكم: ليس موسى أعطاكم الخبز من السماء، بل أبي يعطيكم الخبز الحقيقي من السماء. لأن خبز الله هو النازل من السماء الواهب حياة للعالم.... فقال لهم يسوع: أنا هو خبز الحياة. من يقبل إلي فلا يجوع، ومن يؤمن بي فلا يعطش أبدا» 6/32-38).
وقال أيضاً في مطلع بعثته: « فإن رأيتم ابن الإنسان صاعداً إلى حيث كان أولاً. الروح هو الذي يحيي. أما الجسد فلا يفيد شيئاً. الكلام الذي أكلمكم به هو روح وحياة.» يوحنا 6/61-62) فكيف سطر يوحنا ذلك؟!
ثم إن المتتبع لآخر أحاديث المسيح لا يجد أي مفارقة عما سبق الصلب من أقوال، كما لا يجد في أحوال التلاميذ ما يدل على أنهم اكتشفوا ما لم يدروه من قبل، فلوقا يذكر أن المسيح على الصليب قال: «يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون» لوقا 23/34)، وكان ينبغي أن يجهر فيقول: سأغفر لكم. لكنه بشر يعجز عن ذلك.
وأيضاً قال للص المصلوب: «تكون معي في الفردوس» لوقا 23/43)، ولو كان إلهاً لقال: أنعمت عليك بالفردوس.
وها هو المسيح بعد القيامة يقول: «إني ذاهب إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم» يوحنا 20/17).
وها هم تلاميذه بعد القيامة يعتبروه إنساناً فقط، فيقول اثنان منهم : «الناصري الذي كان إنساناً نبياً مقتدراً في الفعل والقول أمام الله وأمام الناس» لوقا 24/19).
وكذلك قال عنه بطرس بعد رفعه: «يسوع الناصري رجل قد تبرهن لكم من الله بقوات وعجائب» أعمال 2/22).
وقال في مرة أخرى: «يسوع الذي من الناصرة كيف مسحه الله بالروح القدس والقوة…» أعمال 10/38).
إن مجرد الحديث عن تدرج إعلان ألوهية المسيح يطعن في كل ما تورده النصارى من أدلة على ألوهية المسيح من التوراة والأناجيل، إذ هذه الأدلة كلها وغيرها لم تجعل تلاميذه يقولون بألوهيته، فهم عندما أسموه ابن الله أو الرب أو الله ما كانوا يقصدون الحقيقة، إنما كانوا يريدون المجاز، وهكذا في جميع ما يتعلق به النصارى في موضوع ألوهية المسيح من أدلة.

المسانل المسكتات المسالة الأولى من المسكتات

 المسانل المسكتات المسالة الأولى من المسكتات وأول المسائل المسكتات أنا نسأل النصارى عن هذ ا التوحيد ) 1 ( الذي شرحته والإيمان الذي وصفته ، ه...